كان قطاع التربية الوطنية يزخر بأطر وكفاءات تربوية راكمت تجربة مهمة داخله، حتى جاء وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى، للقطاع مصحوبا بكتيبة تقنوراطية ، لا علاقة تربطهم بهذا الحقل الشائك، من غير علاقاتهم بالوزير، عبر محطات سابقة.
فمن استعان بهم بنموسى من أجل تنزيل رؤيته الإصلاحية داخل القطاع؛ بينهم قاسم مشترك وهو أن أغلبهم لا صلة تربطهم مباشرة بقطاع التربية الوطنية كما يفتقرون للخبرة الكافية داخله، إضافة إلى اشتغالهم إلى بجانب الوزير بنموسى داخل لجنة صياغة النموذج التنموي الجديد، التي كان يرأسها.
كما يتمتعون بصلاحيات واسعة داخل القطاع، جعلت منهم الآمر الناهي في كل صغيرة أو كبيرة تُقدِم عليها الوزارة منذ تنصيب شكيب بنموسى، في وقت توارى إلى الوراء عدد من المسؤولين البارزين داخل الوزارة، ممن راكموا خبرة طويلة، بدأت من تدريسهم داخل الأقسام وصولا إلى اضطلاعهم بمهام ومسؤوليات كبيرة.
جزء كبير من الأزمة التي دخلها قطاع التعليم، خاصة مع تنزيل النظام الأساسي الجديد لموظفي الوزارة، وما أعقبها من إضرابات واحتجاجات متواصلة، يرى متابعون أنه ناتج عن الرؤية التقنوقراطية للوزير بنموسى ومن يحيط به، خاصة وأن قطاع تعليم قطاع اجتماعي مركب ومعقد يتطلب استحضار مجموعة من الأبعاد في معالجة مشاكله، خاصة تلك المتعلقة بالموارد البشرية.
في الوقت الذي يواجه القطاع عدة مشاكل بسبب تراكم فشل الإصلاحات وتعدد الفئات المتضررة التي ترفع مطالبها، يقرِّب بنموسى من دائرته أشخاص دون خبرة سياسية أو نقابية كبيرة لهم،
يعد يونس سحيمي، الكاتب العام للوزارة، أبرز هؤلاء من يتمتعون بصلاحيات واسعة، بعدما جاء مكان يوسف بلقاسمي، هو من إتخد قرار تنفيذ الاقتطاعات من أجور الأساتذة المضربين من العمل، ما سبب اشتعال الاحتجاجات أكثر. وقد جاء تعيين سحيمي بالمنصب بعدما كان مديرا سابقا بديوان نزار بركة عندما كان وزيرا للاقتصاد، وكان سحيمي ينتمي للإتحاد الاشتراكي عندما كان يشتغل بديوان أحمد الحليمي العلمي، وانتقل إلى حزب الاستقلال حيث اشتغل بديوان نزار بركة بوزارة الشؤون العامة، وبعدها مديرا لديوانه عندما أصبح وزيرا للمالية، وهو الأن من بين الشخصيات المؤثرة بقرار وزارة التربية الوطنية.
يوسف السعداني حساني، أحد هؤلاء المؤثرين أيضا، إذ يشتغل مستشار لوزير التربية الوطنية، مكلف بإعداد وتنزيل خارطة الطريق، ويستمد قوته داخل الوزارة من كونه أحد الذين اشتغلوا إلى جانب بنموسى في صياغة النموذج التنموي الجديد، إذ كُلف حينها بإعداد محور إصلاح التعليم الوارد بتقرير اللجنة، وبلغت قوته درجة غير مسبوقة، إذ لا يتكلم أحد من الحاضرين بالاجتماعات، رغم مكانتهم، إلا بعد موافقته.
عائشة أقلعي، صحفية سابقة ومسؤولة التواصل بوزارة التربية الوطنية، جاء بها بنموسى للوزارة، بعد ما كانت مشرفة على قطب التواصل داخل لجنة النموذج التنموي، الذي كانت مهمتها تدبير العلاقات مع وسائل الإعلام والاستماع إلى الرأي العام المعبر عنه عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وتفيد المعطيات، إذ بات لها هي الأخرى كلمة قوية داخل الوزارة بحكم علاقتها بالوزير بنموسى، بينما يشتكي نساء ورجال التعليم، وممثليهم بالنقابات والتنسيقيات من ضعف التواصل، إلى جانب ما تنطوي عليه خرجات بنموسى المرتبكة.
كما توجد سناء الريسوني، مكلفة بمهمة بديوان وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وهي الأخرى تتمتع بمكانة قوية داخل الوزارة، إلى درجة تكليفها من الوزير بخرجات تواصلية لتوضيح مضامين خارطة الطريق لإصلاح المدرسة العمومية. وتحظى الريسوني بمكانة بارزة داخل وزارة التربية الوطنية، ما جعلها من الأسماء المحددة في قرار الوزارة، دون أن تكون قد راكمت خبرة طويلة داخل قطاع التربية الوطنية.
أحمد الجماني، وهو مدير بديوان وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى، كأحد المؤثرين في صناعة القرار داخل الوزارة، بينما لا يحيل مساره على خبرة بوزارة التعليم، باستثناء كونه باحثا في علم الاجتماع متخصصا في الثقافة الحسانية ومهتما بالتنمية المجالية.
الرياح التي جاءت بالجماني
لوزارة التربية الوطنية، هي رياح اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي التي كان ضمن أعضائها، قبل أن يصطحبه بنموسى بجانبه للوزارة، وهو الحاصل على الدكتواره في التاريخ من جامعة “باريس 1 السوربون” بفرنسا، واشتغل سابقا مكلفا بمهمة لدى رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان، وكلف، ما بين 2013 و2015، بادارة التعاون الدولي ودعم المجتمع المدني بوكالة الجنوب