على الحدود مع سبتة، تجري محاكمة غير مسبوقة لسياسات الدولة المغربية، حيث يتدفق آلاف المغاربة في محاولة للهروب الجماعي نحو الضفة الأوروبية، احتجاجًا على واقع مؤلم من البطالة، الغلاء، واللاعدالة الاجتماعية. 

هذه المشاهد تختزل الأزمة العميقة التي يعيشها الشباب المغربي، وتفضح عجز الحكومة عن توفير حياة كريمة لهم.

من الفنيدق إلى الرباط، ينكشف الوجه الحقيقي لمغرب يعيش فوارق طبقية شاسعة، حيث يُولد البعض وفي أفواههم ملاعق من ذهب، بينما يولد آخرون مثقلين بفقر مدقع ومآسٍ لا تنتهي. كل الوعود الحكومية، والخطابات الرسمية المتكررة عن التنمية، تتهاوى أمام شباب يطاردهم الأمن في الشوارع، فقط لأنهم يحلمون بحياة أفضل على الضفة الأخرى.

المغرب اليوم، كما هو الحال منذ عقود، يتشكل من طبقتين: المحظوظون الذين يتوارثون الثروات والمناصب، والمنحوسون الذين يرثون البؤس، البطالة، والهجرة السرية. ما يحدث في سبتة ليس مجرد هجرة، بل انتفاضة صامتة ضد فشل الحكومات المتعاقبة وتواطؤ النخب السياسية التي نسيت، بعد تسلق سلم السلطة، معاناة الطبقات الشعبية.

بين منازل النخبة في أحياء السويسي الراقية ومساكن الفقراء المتهالكة، تكمن فجوة لم تعد تخفيها الكلمات أو التبريرات. إنها حقيقة صارخة: مغرب المحظوظين ومغرب المنحوسين.