بعد فترة من الغياب النسبي عن الساحة الفنية، عاد مغني الراب المغربي مسلم بقوة من خلال أغنيته الجديدة "خمري"، ليعيد إلى الأذهان ملامح ذلك الفنان الذي شكل علامة فارقة في الراب المغربي منذ بداياته. الأغنية ليست مجرد عمل موسيقي، بل هي بمثابة بيان فني صريح، فيه كثير من الرسائل، وربما "الكلاشات"، التي لم تمر مرور الكرام على جمهور الهيب هوب المغربي.
منذ اللحظة الأولى لإطلاق "خمري"، بدا واضحًا أن مسلم لا يراهن على الأرقام بقدر ما يراهن على التأثير، فالصوت، الكلمات، وحتى طريقة الإلقاء، كلها حملت نَفَسًا قديمًا بطابع جديد. هذا النفس أعاد جمهور "الزمن الجميل" إلى الوراء، إلى أيام "التمرد"، "الرسائل الاجتماعية"، و"المواقف الواضحة".
في "خمري"، إختار مسلم أن يكشف عن وجهه الحقيقي من دون أقنعة، موجهًا سهام النقد لبعض "الرابورات" الذين إعتبر أن توجههم أصبح بعيدًا عن جوهر الفن، أقرب إلى "الإستعراض الفارغ" من المضمون، وهو ما جعل الأغنية تلقى تفاعلًا واسعًا، سواء من جمهوره الوفي أو حتى من خصومه في الميدان.
الرسائل المشفرة التي حملتها الأغنية لم تكن بريئة، بل جاءت في سياق واضح: إعلان مسلم عن عودته لاعبًا أساسيا في لعبة الراب، لا مجرد متفرج أو ضيف شرف. ومع أن البعض قرأ في "خمري" محاولة لإحياء الخلافات القديمة، إلا أن كثيرين رأوا فيها صرخة فنية لإعادة الإعتبار لمصداقية الراب المغربي، وتذكيرًا بأن هذا الفن كان، وما زال، وسيلة للتعبير عن المواقف وليس فقط لقياس نسب المشاهدة.
الأغنية كذلك تحمل بعدًا فنيًا راقيًا، من حيث التوزيع والإنتاج، ما يدل على أن مسلم لم يكتف بالإعتماد على تاريخه، بل راهن على الجودة والإحترافية.
"خمري" ليست مجرد أغنية، بل لحظة مفصلية في مسار فنان عرف كيف يصمت، وكيف يعود، وكيف يضرب عندما يقرر أن يتكلم