اختفاء أشجار النخيل والورود من الشوارع وهروب المسؤولين وتعثر المشاريع واختناق المرور
عاد المسؤولون بالبيضاء إلى سباتهم، مباشرة بعد أن غادر الملك محمد السادس المدينة، فعادت الفوضى مجددا إلى أحيائها، وساد الارتجال إنجاز بعض الأشغال، واختفى المنتخبون ورجال السلطة، مفضلين “الراحة بالمكاتب” على مواصلة الإشراف على تدبير شؤون العاصمة الاقتصادية، في انتظار زيارة ملكية أخرى.
“كل ما أتمناه أن يقضي جلالة الملك أطول مدة بالبيضاء”، عبارة قالها سائق سيارة أجرة، وتلخص الفوضى التي عادت لتبسط نفوذها بالمدينة، مباشرة بعد مغادرة الملك، حينها أومأ باقي الركاب برؤوسهم، تأكيدا للخلاصة التي توصل إليها سائق سيارة الأجرة، فهم مثل باقي البيضاويين يعاينون “حنة يد” المسؤولين أثناء الزيارة الملكية للمدينة، ويصدمون باختفائهم، بعد نهايتها، تاركين “الجمل بما حمل”.
عدد سائق سيارة الأجرة مظاهر الفوضى، التي اختفت في الزيارة الملكية للبيضاء، وعادت إليها بعد مغادرته، فالطرق أصبحت أكثر ازدحاما في غياب رجال الأمن لتنظيم حركة السير في بعض “النقط السوداء”، بعدما كانت كل الشوارع تشهد حضورا مكثفا لهم، وسائقون ظنوا أنهم فوق القانون لم يعد يهمهم احترام قانون السير، ففضلوا ركن سياراتهم في “الوضعية الثانية” للطريق، مستغلين غياب سيارات جر العربات، التي نشطت في الزيارة الملكية، كما انعدمت الحملات الأمنية للتدقيق في وثائق سائقي الدراجات النارية، بعدما كانت كل الشوارع تشهد “باراجات” مكثفة، بل إن مؤسسات تعليمية اختفت سياراتها الخاصة بنقل التلاميذ، لكن عادت لتحتل الشوارع وتمنع حركة المرور.
لا يتوقف الأمر عند فوضى الطرق فقط، فبعد نهاية زيارة الملك، غادر العمال الذين كانوا يتناوبون ليل نهار على أوراش الأشغال، كما اختفت أشجار النخيل والورود من الشوارع ومداخل المدينة، وظهرت عيوب فشل المسؤولين، فمصابيح الإنارة العمومية بعدد من الأحياء تعطلت، وحفر الشوارع كشفت عن نفسها، كما غابت عمليات صباغة جنبات الطرق، فالمدينة، أثناء الزيارة الملكية، كانت أشبه بخلية نحل، قبل أن تعود إليها لامبالاة المسؤولين وغياب المشرفين على تسييرها، دون أن يهتم أحد بمعاناة البيضاويين لوضع حد لمشاكلهم “المزمنة”.
يشعر البيضاويون، في كل زيارة ملكية، بسعادة، إذ يستقبلون ملكهم بحفاوة لارتباطهم به، وأيضا لأن زيارته توقظ المسؤولين من “نومهم في العسل”، حتى أنهم يمنون النفس أن يطول مقامه بالعاصمة الاقتصادية، فسائق سيارة الأجرة مثلا يجزم أن “حال المدينة يتحسن في كل زيارة ملكية، وشوارعها تصبح نقية وحركة السير بها سلسة، بل تضاهي أكبر المدن العالمية في التنظيم، فالمشاريع المتعثرة تدب فيها الحياة، ويستعيد المسؤولون هممهم لإبداء يقظتهم ونجاعتهم في تدبير الملفات، وخدمة المواطنين.
في الزيارة الملكية يظهر تفاني العمال والسلطات المحلية ورؤساء المقاطعات الجماعية ورجال الأمن في أعمالهم، إذ يحرصون على العمل، في كل الأوقات، لتصبح البيضاء “جنة” لقاطنيها، ثم يكتشف البيضاويون أن طبعهم يغلب عليه التطبع، مباشرة بعد مغادرة الملك لها.