أيها المؤذن قف وقدم التحية لوزارة الداخلية

أيها المؤذن مالي أراك عاصيا لأوامر وزارة الداخلية ، وما لي أراك لا تمتثل لقرارتها ، وأخفض من صوتك ، وأعلن الولاء كل الولاء لهذه الوزارة ، بل لا تنسى أن تعمل كل ما في وسعك من أجل الحفاظ على راحة السياح وضمان السكينة العامة ،لأن في صوتك اعتداء صارخ على حقوق هؤلاء الذين يأتونك من كل حدب وصوب ، واعتداء على حقوق الساسة الذين يتضايقون من سماع صوتك والذين يتمنون يوما تتوقف فيه عن إصدار لغوك المزعج .

عجبت لكل الذين كانوا قد ذعروا من هول ما سمعوا من إحدى مندوبيات  وزارة الأوقاف بعد القرارالذي يقضي بأن  يخفض كل مؤذن  من صوته أثناء صلاة الفجر ، وذلك بناء على العديد من الشكايات التي تلقتها إحدى مندوبيات وزارة الأوقاف  من المواطنين ، لأن ذلك لا يدعو أبدا للاستغراب ما دام أن وزارتنا هي الاستثناء في العالم فيما يخص مخزنة المساجد وجعلها بوقا لوزارة الداخلية ، بل أصبحت المكان الرحب لهذه الأخيرة لتنفيذ مخططاتها ، فالقرار لم يأت صدفة وإنما جاء نتيجة سياسات ممنهجة بدأت منذ سنين والغرض منها تحويل المساجد من دور للعبادة والذكر إلى دور تساعد وزارة الداخلية في القيام بدورها على أحسن وجه .

إذا ذهبنا مع طرح وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ومع قرارها المتعلق بخفض صوت الأذان في صلاة الفجر ، وحاولنا أن نصدق كل تلك المبررات التي قدمتها والتي كانت كلها تصب في اتجاه الحفاظ على السكينة العامة والحفاظ على راحة المواطنين، إلا أن هناك شيئا ما يزال غامضا هنا والذي لم يفهمه الكثير من المغاربة ، فإذا كانت الوزارة حريصة كل الحرص على السكينة العامة والسهر على راحة المواطنين ، فلماذا لا يكون رد فعلها بنفس الطريقة تجاه تلك المهرجانات السنوية التي يكون وقعها أوسع وضجيجها أكبر ربما من ضجيج آذان الفجر ؟

وزارتنا الغراء لا نكاد تسمع لها صوتا عندما يتعلق الأمر بالمهرجانات الصاخبة التي لا تفارقنا على الدوام ، ولا نجد لها  من دور في كل ما تحدثه تلك المهرجانات من ضجيج يزعج الأحياء والأموات ، وكل منا يعرف ما يحدثه مهرجان موازين من صخب في مدينة الرباط وتأثيره بشكل كبير على راحة المواطنين ،خاصة وأن تنظيمه يأتي تزامنا مع بداية استعداد الطلبة للامتحانات ،لكن ذلك ربما لا يثير حفيظة الوزارة مادام أن المتضررين هم من أبناء المغاربة دون غيرهم.

إلى حدود كتابة هذه السطور لم نسمع عن أي رد فعل من طرف حزب العدالة والتنمية الحاكم حول ما صدر عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، وهو ملتزم الصمت وهذا يجعل العديد من التساؤلات مطروحة أمامنا، ما الذي يعنيه صمت حزب العدالة التنمية بعد هذا القرار ، وماذا يعني أن يصدر القرار في عهد حكومة الاسلامويين الذين  كانوا قد استغلوا مشاعر المغاربة وأبدعوا في خداعهم عبر الدعاية بإسم الدين والمتاجرة فيه  كل ذلك في سبيل الوصول إلى سدة الحكومة .

قرار خفض صوت الآذان الذي صدر عن إحدى مندوبيات وزارة الأوقاف بالدار البيضاء كان بمثابة الصفعة الكبرى للعديد من المغاربة الذين اعتقدوا الخير الكثير في حزب العدالة والتنمية ، وصفعة لكل من يعلق آماله على هذا الحزب الذي أثبت عجزه عن القيام بأي شيء على الأقل لأولئك الذين انخدعوا وصوتوا لصالح الاسلامويين الذين تبينوا أنهم في خندق واحد مع كل الأحزاب الممخزنة التي تعودت أن تطبل للمخزن وأن تكون بمثابة الابن المطيع الذي لا يعصي له أمرا .

بشرى للسيد أحمد التوفيق ولوزارته  أن المغاربة قريبا سيعتزلون بيوت الله بعد أن أصبحت هذه الأخيرة المكان الآمن لوزارة الداخلية، وأصبحت  مرتعا لكل المخبرين الذين يجدون في المساجد ضالتهم ، فيما يتعلق بجمع المعلومات عن المغاربة والتجسس عليهم حتى وهم في خشوع تام أثناء الصلاة ،فقصة مخزنة المساجد لم تكن حديثة العهد ، بل بدأت منذ أن قررت وزارة الأوقاف ضم جميع المساجد إليها ، ومنذ أن أصبحت الخطب تصدر من المركز وتحمل طابعا رسميا مبالغا فيه ، بالإضافة إلى تدجين العلماء والخطباء والأئمة بعد تخصيص مبلغ مالي هزيل لهؤلاء لخدمة أجندات وزارة الداخلية ، فما القرار الذي سمعنا عنه مؤخرا والمتعلق بخفض صوت الأذان ما هو إلا تكملة لمسار طويل من مظاهر مخزنة المساجد.

بعد كل هذا فما على المؤذن إلا أن يمتثل لأوامر وزارة الداخلية عفوا وزارة الأوقاف  ويخفض من صوته "المزعج " إن هو أراد أن تضمن له "طرف ديال الخبز"وألا يفوت الفرصة بأن يطالب المسؤولين بسن تشريعات تجرم كل من يملك في بيته ديكا يزعج الساكنة ويفسد عليهم حلاوة النوم اللهم إني قد بلغت .