رمضان مبارك لرئيس الحكومة

بحلول شهر رمضان الأبرك ، وقبل أن نبعث إلى الأصدقاء الأعزاء وإلى الأحباب الكرام برسائل التهنئة ، ودننا لو أننا تقدمنا بتهنئة إلى رئيس حكومتنا الغراء الذي يستحق كل التهاني ، خاصة وأن لهذا الأخير الفضل في تحقيق أحلام المغاربة جميعا وكيف لا والرجل هو من أعطى العهود ، ومنح الصكوك لهؤلاء للقطع مع الماضي ،في خطوة منه للوصول إلى سدة الحكومة ، ثم لكي يتسنى له الضحك على ذقون المغاربة من الذين أمنوا بالديمقراطية والتغيير ، وصدقوا مسرحيات كانت نهايتها ظاهرة منذ الوهلة الأولى.

رمضان مبارك  لرئيس الحكومة وإخوانه ، ممن أتقنوا فن الكذب والخداع ، أما الشعب المغربي الذي صدق هؤلاء فلم يعد بحاجة إلى مثل هذه الرسائل التي لا تنفعه بقدر ما تضره ، والتي تحاول التغطية على الأزمات التي يعاني منها المغاربة ، والتي كان حزب العدالة والتنمية شريكا في بعضها إن لم نقل في جلها ، حيث أطلق العنان للشعارات الجوفاء وللأحلام النرجسية فكذب وضحك على الشعب  وخان ،وكان أول من يستحق الشكر والامتنان.

عندما وصل حزب العدالة والتنمية  إلى السلطة بعد الربيع الديمقراطي الذي كان ضيفا على العديد من الدول العربية ودول المغرب الكبير، كانت كل الأنظار تتجه نحو هذا الحزب وإلى رئيسه الذي كان دائما المتحدث الرسمي باسم الشعب المغربي ، حيث كان الاعتقاد السائد بأن بنكيران صاحب القاع والباع في البهرجة داخل البرلمان، والمدافع الدائم عن حقوق الضعفاء ، أنه المنقذ الوحيد للمغاربة جميعا ،لينقلب بقدرة قادر 360 درجة عما روجه لنفسه في البداية ، فأصبح بذلك  السيف المسلط على رقاب المغاربة جميعا ، ليكون القناع قد سقط وارتمى صناع التغيير من حزب العدالة والتنمية في أحضان المخزن ، وأجمعوا على أن يتلذذوا بمعاناة الشعب الذي يئن من الألم .

لا نعلم في الحقيقة كيف أمكن لهؤلاء أن ينقلبوا رأسا على عقب ، وكيف استطاعوا أن يوهموا المغاربة بالتغيير ؟ بل وكيف سمحت لهم أخلاقهم إن كانت لديهم أخلاق أن يتآمروا على الشعب الذي أوصلهم إلى الحكومة ؟ كان الممكن لرئيس الحكومة الذي لا ينطق عن الهوى في بداية حملته الانتخابية ، أن يراعي عامة الفقراء من هذا الشعب ، ويعمل على الإصلاح ما أمكن، ويعيد شيئا من التوازن ويحارب الفساد الذي كان شعاره الأبدي من أجل الدخول في ورش الإصلاحات التي طالما صدع بها رؤوسنا ، لكنه ذهب هو وإخوانه إلى اتباع نفس النهج الذي اتبعته الأحزاب الأخرى ، بل كانت تلك الأحزاب أقل ضررا من حزب رئيس الحكومة ، بسبب تلك القرارات العشوائية التي صدرت منه والتي أعادت بنا إلى الوراء لعقود من الزمن .

عند حديثي إلى أحد أصدقاء رئيس الحكومة وفي إطار الحديث عن الإصلاحات التي حدثت في المغرب بعد الحراك الذي انطلق مع حركة 20 فبراير سألته عن النتائج التي حققها السيد بنكيران، فأجابني بكل تواضع إن رئيس الحكومة في طور بناء قوته وأنه وجد عراقيلا في طريقه تمنعه من تحقيق تلك الوعود التي أوصلته إلى سدة الحكومة !!!!!!

نعم نحن لا ننكر بأن حواجزا ستعترض كل من يحاول التغيير ، بل وستقف سدا منيعا ضد كل من يفكر في إخراج هذا البلد من الأزمات ، كل هذا معروف لكن ماهي إضافة بنكيران لهذا الشعب إذا كان لا يستطيع تحقيق كل ما يطمح إليه المغاربة ؟ وما قيمة تواجدهم على رأس الحكومة إذا كانت التماسيح والعفاريت كما يسميهم رئيس الحكومة هم من يتحكمون في البلاد ويصنعون السياسات ؟

كنت سأصدق رئيس الحكومة الذي غالبا ما يحاول الظهور بوجه الحمل الوديع ، والذي يؤكد على الدوام أنه لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ، لو استقال من منصبه ، بل سأكون أول من يقبل رأس هذا العبد تقديرا لجرأته واحتراما لموقفه الشجاع ،أما وأن الرجل قد انخرط في الإصلاحات المزيفة وتحالف مع الفساد الذي كان يعلن للملأ أنه في حرب معه ، فإنه يستحيل أن يقنعنا مرة أخرى بإصلاح يمكن أن يحققه ، بل لا نستطيع أن نلدغ من الجحر ألاف المرات .

فالإصلاحات البنكيرانية المزيفة التي أعادت بالمغاربة إلى الوراء، يمكن اعتبارها مؤامرة ضد الشعب اختير لها بنكيران لكي يلعب دوره بإتقان ، وهذا ما يظهر من البداية حيث كان رئيس الحكومة  حريصا على قصف المغاربة بوابل من الزيادات التي أرهقت كاهلهم ، فبعد أن كانت الزيادات خطرا محدقا بالمغاربة كما كان دائما يصرح بنكيران قبل وصوله إلى الحكومة ، أصبحت الآن جزءا من إنقاذ البلد من المجهول ،وبعد أن كان الرجل يدافع عن الفقراء من الشعب، أصبح  العدو اللدود الذي ينتقم من الشعب في واضحة النهار، فالزعيم المبجل  لم يدع قطاعا في البلد إلا وأعاد به إلى الوراء، فالصحة التي كان ينادي بها على الدوام هي الآن تشكو لربها ظلم هؤلاء بسبب المخططات الفاشلة ، وقطاع التعليم الذي كان الكل ينتظر من رئيس الحكومة سياسات عمومية تعيد للمدرسة العمومية هيبتها يعرف أسوأ أيامه بسبب السياسات العشوائية وبسبب القرارات اللادستورية التي ظل بنكيران وإخوانه في السياسة يصدرونها، كان آخرها قرارات منع الأساتذة من حقهم في الإضراب  الذي يضمنه لهم الدستور ، ثم  قرار توقيف أجورهم الهزيلة التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، والتي كان الغرض منها إنقاذ الصنوق المغربي للتقاعد الذي يعرف تدهورا حادا بسبب الفساد حسب دعاة الإصلاح الجدد الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء التحقيق في تلك الأموال التي نهبت من ذلك الصندوق، فاقتصروا على الضرائب والاقتطاعات المجحفة من أجل التغطية على المفسدسن الذين عاثوا في أرض المغرب فسادا والذين يستحقون الزج بهم في السجون ، وليس تكريمهم أمام أنظار الشعب الذي سلبوه في يقظة من أمره .

الإصلاحات التي حققها السيد بنكيران منذ وصوله إلى سدة الحكومة إصلاحات منقطعة النظير ، إصلاحات لا يستطيع إنكارها إلا منافق يجحد بالنعمة التي من بها عليه رئيس الحكومة ، فكيف بها ألا تكون إصلاحات وهي التي أرغمت الشعب على أن يعيش تحت خط الفقر وأذاقته الويلات، عبر نهجها مقاربة الزرواطة التي  يبدو حتى هذه اللحظة أنها أثبتت فعاليتها ، لذلك يستحق السيد بنكيران كل التهاني بحلول هذا الشهر المبارك ، ونقول له " رمضان مبارك أيها الرئيس وكل عام والمغرب في خطر"