عبقرية الداودي تستهدف المعطلين
كنا ننتظر من السيد الداودي أن يخرج على المغاربة ويعتذر منهم جميعا، بسبب ما ألت إليه أوضاعهم ، التي ازدادت تدهورا منذ وصول حزبه إلى سدة الحكومة ،لكن الرجل ذهب إلى عكس ذلك وأطلق العنان لنفسه ليعلن الحرب على أبناء المغاربة عبر تصريحاته الغريبة التي وصف فيها المعطلين بأقبح الصفات ، حيث وصف هؤلاء بالعالة على المجتمع.
بعد أن فشلت الحكومة المغربية في وضع سياسات عمومية تنتقل بالبلاد إلى بر الأمان ،عادت هذه الحكومة فوجدت في سياسة الهجوم على المغاربة الحل الأمثل للتغطية على مسلسل الإخفاقات التي تتخبط فيها الحكومة ، حيث لم تستطع الحكومة أن تضع ولو سياسة عمومية في ميدان التشغيل ليأتي السيد الداودي فيصب جام غضبه على هؤلاء المعطلين الذين عانوا الأمرّين مع تلك القرارات العشوائية التي سقطت عليهم مثل الصاعقة فأغلقت الأبواب على هؤلاء مدعية أنها في الطريق نحو إنقاذ المغرب من الأزمات.
ما دام أن السيد الوزير قد ألصق التهمة بالمعطلين وبما أنه اعتبرهم عالة على المجتمع فإن هناك سؤالا يطرح ويحتاج إجابة من السيد الداودي وهو كالتالي من الذي جعل هؤلاء المعطلين عالة على المجتمع ؟ وما هي السياسات التي تم اتخاذها في ميدان التشغيل من أجل محاربة البطالة ؟
منذ أن وصل السيد بنكيران إلى السلطة ومنذ أن تربع على عرش الحكومة ،لم نر منه سوى البكاء والعويل والدفع بالمسؤولية اتجاه الشعب ،فلم يستطع منذ ذلك الحين أن يحقق ولو انجازا واحدا خاصة في مجال التشغيل ، حيث في عهده تم سد الطريق أمام كل الأطر المغربية التي كان أملها الحصول على وظيفة تقيها شر البطالة ، وأذاقها الويلات بسبب إبداعاته الغير المسبوقة في مجال التحقير والتنكيل بالمطالب المشروعة لأبناء المغاربة ، وبسبب مقاربة الزرواطة التي ازدادت حدة مع مجيء السيد بنكيران وإخوانه، والتي كان الهدف من ورائها هو تكميم الأفواه وقمع الأصوات الحرة التي تطالب بحقوقها المشروعة .
يجب على السيد الوزير الذي يكاد يجعل نفسه عبقريا لا يخفى عليه شيء ، أن يعرف جيدا أن نسبة البطالة في عهده قد ارتفعت بشكل مهول ، وأصبحت تشكل تهديدا للسلم الإجتماعي ، ويكفي لسعادة الوزير أن يراجع تلك الأرقام الأخيرة التي كشفت عنها المندوبية السامية للتخطيط ، ليعرف وزيرنا المحترم أن لحكومته اليد الكبرى في ارتفاع أعداد أولئك المعطلين الذين تحولوا إلى قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة ، فوعود السيد بنكيران ومن ذهب على نهجه والمتمثلة في خفض معدل البطالة باءت كلها بالفشل بسبب تشبث الحكومة باستراتيجيات فاشلة لا تسمن ولا تغني من جوع .
يبدو أن السيد الداودي على الدوام لا يعرف سوى لغة الاتهامات وهذا معروف حتى قبل أن يصل حزبه إلى سدة الحكومة ، فمن منا لا يتذكر تصريحاته المثيرة للجدل التي هدد فيها بمقاطعة الانتخابات التشريعية لسنة 2011 عندما اتهم عامل إقليم وزان بالتواطؤ مع حزب الأصالة والمعاصرة ، ومن منا لا يتذكر تصريحاته التي وصف بها الأمازيغية بأنها لغة القردة ، ومن منا لا يتذكر قرارات السيد الوزير المتعلقة بمنع الموظفين من ولوج الجامعات ، فكيف نستغرب إذا من كلامه الأخير عن هؤلاء المعطلين الذين هم ضحية سياسات شارك فيها سعادة الوزير نفسه.
فليسمح لنا سعادة الوزير بالقول أن لغة الإتهامات لم تعد تجدي نفعا ،وأن لغة الخطابات الشعبية أصبحت متجاوزة ، خاصة بعد أن تأكد المغاربة بأن حكومة السيد بنكيران لم تغير شيئا من واقعهم ، وبعد أن تأكدوا بأن كل تلك الوعود التي قدمها بنكيران وإخوانه هي وعود كاذبة كان الهدف من ورائها الوصول إلى سدة الحكومة.
المغاربة الآن يحتاجون إلى خطاب منطقي يستحضر التطورات والإكراهات ولغة دقيقة تعتمد على الأرقام والإحصائيات على الأرض ، وليس لغة الخطابات الجوفاء ، ولغة التبوريدة التي يبدو أنها أصبحت محفوظة لدى رئيس الحكومة وإخوانه عن ظهر قلب والتي لم ولن تحقق شئيا على الإطلاق .